الطعن رقم 244 لسنة 2009 اداري
طلب من المحكمة الاتحادية العليا بصفتها الجهة القضائية العليا بالدولة الى مجلس الوزراء لسن قانون او تشريع ينص على مدة سماع الدعوى المدنية قصيرة .
الطعن رقم 244 لسنة 2009 اداري
المقيدة برقم 4 لسنة 2009 هيئة عامة
في الجلسة العلنية المنعقدة يوم الاثنين الموافق 29/3/2010
برئاسة القاضي الدكتور عبد الوهاب عبدول رئيس المحكمة
وعضوية السادة القضاة شهاب عبد الرحمن الحمادي و فلاح شايع الهاجري و عبد العزيز محمد عبد العزيز و امين احمد الهاجري
موجز القاعدة :-
(1) دعوى الالغاء "سماعها" ، قرار اداري "الغائه" ، تقادم دعوى ـ الالغاء "المحكمة الاتحادية العليا ـ سلطتها في التصدي للموضوع".
- استقرار اجتهاد الدوائر المدنية و الادارية بالمحكمة العليا ـ اخضاع ميعاد سماع دعوى الغاء القرار الاداري للتقادم الطويل ـ خمسة عشر يوما ـ عملا بالمادة 473 من قانون المعاملات المدنية الاتحادية استبداله بميعاد قصير ـ ستين يوما ـ بدأه بتاريخ نشر القرار او العلم اليقيني به عملا بما انتهت اليه القوانين المقارنة .
- الاحالة للعدول عن مبدأ مستقر يتصل بالنزاع في الطعن ـ مؤداه ـ التزام الهيئة العامة بالتصدي للفصل في الطعن او الدعوى المحالة اليها من احدى دوائر المحكمة لتقول كلمتها في موضوع طلب الاحالة دون اعادتها الى الدائرة ـ اساس ذلك .
(2) قانون "تفسيره" ـ تشريع اتحادي ـ تقادم ـ دعوى "سماعها".
- قواعد القانون المدني وضعها اصلا لتحكم روابط القانون الخاص ـ للقضاء الاداري تطبيق ما يتلاءم منها مع هذه الروابط ويتفق وطبيعتها ـ حده الا يوجد نص تشريعي خاص لمسألة معينة ـ وجود النص ـ اقتضاءه الالتزام بتطبيقه دون غيره .
- خلو التشريع الاتحادي من اي نص عام يحدد ميعاد معين لرفع دعاوي المنازعات الادارية ومنها دعاوي الغاء القرار الاداري مؤداه ـ جواز لذوي الشأن رفع الدعوى مادام لم تسقط بمرور الزمان المسقط طبقا لقواعد قانون المعاملات المدنية الاتحادي ولا تعارض في ذلك مع طبيعتها ومفهومها مع روابط القانون العام . اساس ذلك .
(3) قانون "تفسيره" ـ تقادم دعوى "سماعها" .
- انواع و احكام مرور الزمان المسقط للدعاوي في مفهوم المواد من 473 حتى 488 ماهيتها .
- وجوب الرجوع الى الميعاد المعام الطويل لميعاد سماع الدعاوي باعتباره الاصل العام .
(4) المحكمة الاتحادية العليا "سلطتها" ـ القانون المقارن "تطبيقه" ـ التشريع الوطني ـ دعوى "سماعها" ـ تقادم ـ نظام عام .
- للمحكمة الاتحادية العليا تطبيق القانون المقارن ـ شرطه ـ وحدة هذه الصلاحية .
- صلاحية المحكمة العليا في تطبيق القانون المقارن ـ حده الا يمتد الى استحداث مواعيد و اجال لسقوط الدعاوي او لعدم سماعها او تقرير التقادم مسقط او مكسب او رسم طرق طعن في الاحكام لتعلقه بالنظام العام .
- سماع دعوى الغاء القرار الاداري خلال ميعاد معين ـ مؤداه ـ تحصن القرار من رقابة القضاء بتفويته .
- الاستعانة بالقانون المقارن لسد نقص او اكمال لفراغ في تشريع قائم ـ غير جائز ـ علة ذلك .
(5) المحكمة الاتحادية العليا "سلطتها في العدول عن مبدأ سابق" ـ دستور ـ قضاء "سلطته" .
- اقرار الهيئة العامة بالمكمة الاتحادية العليا برفض العدول عن مبدأ سارت عليه دوائرها ـ علته عدم المساس بمبدأ فصل السلطات الذي اعتنقه دستور الدولة بعدم اخذ القضاء دونر المشرع تحت غطاء الاجتهاد في فهم النصوص القانونية او تفسيرها مع دعوتها الجهات المختصة في الدولة بالاسراع في سن قانون يقرر ميعاد قصير لسماع دعوى الغاء القرار الاداري بفواته .
(6) مجلس الوزراء "وظائفه" ـ المحاكم الاتحادي ـ دستور ـ وظيفة عامة .
- وظائف مجلس وزراء الاتحاد احداها ذات طبيعة سياسية واخرى ادارية ـ مؤدى كل منها .
- تأكيد المشرع الاماراتي حرصه على التزام دولة الاتحاد بمبدأ الشرعية الدستورية و القانونية في جميع تصرفاته و اعماله ـ نطاق ذلك .
- تولي الوظيفة العامة من الحقوق الدستورية المقررة لجميع المواطنين ـ اساس ذلك .
(7) مجلس الوزراء "اختصاصه" ـ قانون "تفسيره" ـ عزل موظفون ـ دستور ـ قرار اداري "اثره".
- الاختصاص الخاص لمجلس وزراء الاتحاد في مفهوم المادة 60 من دستور الدولة ـ نطاقه .
- تقيد مجلس وزراء الاتحاد باحكام قوانين الخدمة المدنية في الحكومة الاتحادية في مماسريته لاختصاصه بتعيين وعزل موظفي الاتحاد التزاما بالشرعية الدستورية و القانونية .
- تحري الادارة المشروعية في مباشرتها نشاطها الاداري ـ واجب .
- القرار الادار ـ ماهيته ـ وجوب ان يكون مبرءا من العيوب ومخالفة القانون .
- عدم استناد قرار التقاعد الصادر بانهاء خدمة المطعون ضده الى سبب من الاسباب الحصرية الوادرة بالمادة 90 من القانون الاتحادي رقم 21 لسنة 2001 يعيبه بمخالفة القانون و البطلان ـ انتهاء الحكم المطعون فيه لتلك النتيجة صحيح ولا يقدح في ذلك نعي الطاعن باختلاف العزل المنصوص عليه في الدستور عن الفصل التأديبي او العزل بحكم قضائي الواردين في قانون الخدمة المدنية ـ علة ذلك .
القاعدة القانونية :-
[1] لما كان طلب الاحالة المتمثل في العدول عن المبدأ الذي قررته احكام صادرة عن الدوائر المدنية و الادارية والذي استقر فيه اجتهادها على اخضاع ميعاد سماع دعوى الغاء القرار الاداري للتقادم الطويل المحدد بخمس عشر سنة عملا بالمادة (473) من قانون المعاملات المدنية الاتحادي واستبدال هذا الميعاد بميعاد قصير اخذا بالقوانين المقارنة الت حددت ميعاد سماع دعوى الغاء القرار الاداري بستين يوما من تاريخ نشر القرار او العلم اليقيني به ـ فان الهيئة تشير الى قضاء سابقتها (الجمعية العمومية للمحكمة قبل تعديل قانون المحكمة) ، استقر على انه اذا ما احالت احدى دوائر المحكمة موضوع العدول عن مبدأمستقر يتصل بالنزاع المطروح في الطعن ، فان الهيئة (الجمعية السابقة) لا تعيدها الى الدائرة التي احالتها لتلتزم في قضائها بالرأي الذي انتهت اليه ، بل عليها ان تتصدى للفصل في الطعن او الدعوى المحالة اليها بعد ان تقول كلمتها في موضوع طلب الاحالة (يراجع طلبات الاحالة ارقام 1/1983 ، 2/1983 ، 3/1983 ، 1/1985 ، 1/1987 جمعية عمومية) .
[2] ان قضاء المحكمة الاتحادية العليا قد اطرد على انه وان كانتقواعد القانون المدني قد وضعت اصلا لتحكم روابط القانون الخاص الا ان القضاء الاداري له ان يطبق من تلك القواعد مع ما يتلاءم مع هذه الروابد ويتفق مع طبيعتها اللهم الا اذا وجد النص التشريعي الخاص لمسألة معينة ، فحينئذ يتوجب التزام النص ، وقد خلى التشريع الاتحادي من اي نص عام يحدد ميعاد معينا لرفع دعاوي المنازعات الادارية ومنها دعاوي الغاء القرار الاداري ـ عدا ما نصت عليه المادة 116 من قانون الموادر البشرية في الحكومة الاتحادية ـ التي يجوز لذوي الشان رفعها متى كان دعوى سماعها لم تسقط بمرور الزمان المسقط طبقا لقواعد قانون المعاملات المدنية الاتحادية بحسبان ان فكرة مرور الزمان (التقادم) المسقط للدعوى لا تتعارض في طبيعتها ومفهومها مع روابط القانون العام .
[3] وحيث ان قانون المعاملات المدنية الاتحادي تكفل في المواد من 473 حتى 488 ببيان انواع واحكام مرور الزمان المسقط للدعوى ، حينما قرر مواعيد محددة لسماع بعض الدعاوي ورتب على عدم مراعاتها جزاء عدم السماع فحدد ميعاد النستين لحقوق التجار و الصناع عن اشياء و ردوها لاشخاص لا يتجرون في هذه الاشياء وحقوق اصحاب الفنادق و المطاعم اجر الاقامة وثمن الطعام ، وحقوق العمال والخدم و الاجراء ......(م 476) ، وميعاد ثلاث سنوات لسماع دعوى الضمان الناشئة عن الفعل الضار و النافع ودعوى عدم نفاذ التصرف (م 298/1 ، 336 ، 400) وخمس سنوات لسماع دعاوي المطالبة بالحقوق الدورية والمتجددة ودعاوي حقوق الاطباء و الصيادلة و المامين و المهندسين و الخبراء و الاساتذة و المعلمين و الوسطاء ، وكذلك دعاوي رد ما يستحق رده من الضرائب و الرسوم اذا رفعت بغير حق (م 484 ، 475) وخمس عشر سنو لسماع باقي الدعاوي التي لم يحدد المشرع لها ميعادا خاصا بها ، ومنها دعوى الغاء القرار الاداري الامر الذي يتعين بشأنها الرجوع الى الميعاد العام الطويل باعتباره هو الاصل ليمعاد سماع الدعوى .
[4] ولئن كانت المادة 75 من قانون انشاء المحكمة الاتحادية العليا رقم 10 لسنة 1973 اعطت للمحكمة صلاحية تطبيق القانون المقارن في حالة عدم وجود قانون ان تشريع اتحادي او محلي يحكم المسألة المعروضة عليها الا ان حد هذه الصلاحية اكمال نقص او سد فراغ في التشريع الوطني دون ان ترقى تلك الصلاحية الى حد استحداث مواعيد و اجال لسقوط الدعاوي او لعدم سماعها او تقرير تقادم مسقط او مكسب او رسم طرق طعن في الاحكام لاتصال كل ذلك بالنظام العام ، ولما كان تحديد ميعاد معين لسماع دعوى الغاء القرار الاداري يؤدي تفويته الى تحصن القرار من رقابة القضاء هو استحداث لاجل اجرائي جديد لم يرد في تشريع وطني وليس هو سد لنقص او اكمال لفراغ في تشريع قائم ومن ثم فان الاستعانة بالقانون المقارن لاستحداث هذا الاجراء غير جائز .
[5] وحيث ان الهيئة العامة وان كانت تؤيد ما اشار اليه حكم الاحالة فيما ساقه في قضائه من مبررات العدول بقوله " .... ولما كان مبدأ اخضاع ميعاد سماع دعوى الالغاء للتقادم الطويل قد ادى في الواقع العملي الى نتائج غير مقبولة اذ مس هذا المبدأ على نحو خطير بما يقتضيه الصالح العام من استقرار الاوضاع الادارية وثبات المراكز القانونية التي انشأها القرار الاداري وعدم المساس بها عملا على بث الثقة و الاطمئنان في نفوس الافراد واستقرار حقوقهم واستمرار نشاط لادارة في انتظام و اضطراد فقد كشف الواقع العملي عن رفع دعاوي بالغاء قرارات ادارية اصدرتها ادارات الدولة بزعم طبيعتها رغم مضي مدد طويلة على صدورها وعلم رافعي تلك الدعاوي اليقيني بالقرارات وقبولهم لها وهو ما ادى الى الاضرار بسير عمل تلك الادارات .." الا انها لا تملك سوى ان ترفض طلب العدول وتقر المبدأ الذي سارت عليه دوائر المحكمة ، وذلك كيلا يأخذ القضاء دور المشرع تحت غطاء الاجتهاد في فهم النصوص القانونية او تفسيرها مما قد يؤدي الى المساس بمبدأ فصل السلطات الذي اعتنقه دستور الدولة لكنها ـ الهئية ـ والحالة هذه تهيب بالجهات المختصة بالدولة بما فيها محلس وزراء الاتحاد الاسراع في سن قانون يقرر ميعاد قصير لسماع دعوى الغاء القرار الاداري يتحصن بفواته القرار .
[6] ان مجلس وزراء الاتحاد يمارس وظيفتين اساسيتين احداهما ذات طبيعة سياسية و الارخرى ذات طبيعة ادارية و اذا كانت الوظيفة السياسية تشمل التصرف في الاعمال الاستثنائية ذات الاهمية الوطنية الكبرى كمشاركته في مرسوم اعلان الاحكام العرفية و مرسوم الحرب الدفاعية مع المجلس الاعلى للاتحاد و رئيس الاتحاد ، او توجيه الشئون التي تتعلق بالوحدة السياسية كمشاركته في دعوة المجلس الوطني الاتحادي للانعقاد في ادواره العادية او غير العادية وفضها ، او الاشراف على المصالح الوطنية الكبرى كاقرار المعاهدات و الاتفاقات ..... ـ وغيرها ، فان الوظيفة الادارية تشمل مباشرة التطبيق اليومي للقوانين كوضع اللوائح اللاومة لتنفيذ القوانين الاتحادية او الاشراف على العلاقات بين الافراد وبين الادارات الاتحادية المختلفة كمراقبة مسلك وانضباط موظفي الاتحاد او تقديم الخدمات العامة للجمهور كالاشراف على تنفيذ احكام المحاكم الاتحادية ومراقبة سير الادارات و المصالح العامة الاتحادية وغيرها ، ولما كان الثابت من نصوص دستور الاتحاد ان المشرع الدستوري الاماراتي حرص على تأكيد التزام دولة الاتحاد بمبدأ الشرعية الدستورية والمشروعية القانونية في جميع تصرفاتها واعمالها خصوصا فيما يتعللق بالدعامات الاجتماعية والاقتصادية و السياسية للاتحاد وبالحريات و الحقوق و الواجبات العامة المنصوص عليها في البابين الثاني والثالث من الدستور اللذين افصحا عن تلك الدعامات و الحريات و الحقوق مجملة تاركا الدستور للقوانين بيان تفصيلاتها وحدودها وضوابط اعمالها ـ كان تولي الوظيفة العامة من بين الحقوق الدستورية المقررة لجميع المواطنين على اساس المساواة بعد ان تم تنظيم هذا الحق تعيينا وحقوقا وانتهاء بقوانين الوظيفة العامة والتي من بينها قانون الخدمة المدنية في الحكومة الاتحادية الذي بين حصرا حالات انتهاء خدمة الموظف الاتحادي .
[7] جرى ص البند الثامن من الفقرة الثاية من المادة 60 من دستور دولة الاتحاد على ان "1- ------ 2- ------ 3- ------ 4- ----- 5- ----- 6- ----- 7- ---- 8- تعيين و عزل الموظفين الاتحاديين وفقا لاحكام القانون ممن يتطلب تعيينهم او عزلهم اصدار مراسيم بذلك 9- ----10- ----" ، فان مؤدى هذا النص وجوب تقيد مجلس وزراء الاتحاد باحكام قوانين الخدمة المدنية في الحكومة الاتحادية التزاما بالشرعية الدستوري وبالمشروعية القانونية ، ولما كان قضاء المحكمة الاتحادية العليا قد استقر على ان واجب الادارة ان تتحرى المشروعية وهي تباشر نشاطها الاداري وان القرار الادارية هو افصاح الادارة عن ارادتها الملزمة ـ بما لها من سلطة عامة بمقتضى القوانين و اللوائح ـ بقصد احداث اثر قانوني ، وان هذا القرار يتعين ان يكون مبرءا من العيوب الت تلحق القرار الاداري ومن بينها عيب مخالفة القانون ، ولما كان الثابت من الاوراق ان المطعون ضده كان موظفا بوزارة -------- ويشغل الدرجة الاولى في جدول الموظفين المواطنين الملحق بقانون الخدمة المدنية في الحكومة الاتحادية ومن ثم فان هذا القانون هو الذي يحكم انهاء خدمته ، واذ كانت المادة 90 من القانون الاتحادي رقم 21/2001 في شأن الخدمة المدنية في الحكومة الاتحادية المنطبق على واقعة الدعوى قد حددت اسباب انتهاء خدمة الموظف حصرا وكان قرار انهاء خدمة المطعون ضده واحالته الى التقاعد لم يستند الى اي من الاسباب الحصرية الواردة في المادة المذكورة ، ومن ثم فان القرار يكون معيبا بعيب مخالفة القانون مما يصمه بالبطلان واذ خلص الحكم المطعون فيه الى هذه النتيجة فانه يكون صحيحا ويغدو النعي قائما على غير اساس ولا يجدى الطاعن نفعا ما قاله من اختلاف العزل المنصوص عليه في الدستور عن الفصل التأديبي او العزل بحكم قضائي الواردين في قانون الخدمة المدنية ذلك ان مناط صحة ومشروعية اختصاص مجلس الوزراء بتعيين وعزل موظفي الاتحاد ـ ايا ما كان وجه الرأي في الذي قاله الطاعن ـ رهن بتوافق ممارسة هذا الاختصاص مع القوانين الاتحادية وخصوصا قوانين الخدمة العامة وهو ما يراعيه الطاعن عند ممارسته لاختصاصه بانهاء خدمة المطعون ضده .
بعد الاطلاع على الاوراق وتلاوة تقرير قاضي التحضير وسماع المرافعة والمداولة قانونا.
حيث ان الوقائغ ـ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر اوراق الطعن ـ تتحصل في ان المطعون ضده اقام الدعوى رقم 2438/2007 اداري ابوظبي اختصم فيها الطاعن طلبا لالغاء القرار الاداري رقم 197/10 لسنة 2005 الصادر عن الطاعن و القاضي بانهاء خدمته واحالته على التقاعد اعتبارا من 16/5/2005 و اعتباره كأن لم يكن وباعادته لعلمه ، على سند من انه التحق بالعمل لدى وزارة -------- في 1/4/1972 وظل موظفا بها حتى يوم احالته على التقاعد بموجب القرار السابق ، وانه خلال فترة عمله كان مثالا للموظف المخلص المتفاني في اداء مهما وظيفته وفق ما تمليه عليه واجبات الوظيفة ، وانه ترقى خلالها في درجات الوظيفة حتى وصل الى درجة 2/1 ، وان قرار انهاء خدمته جاء مخالفا للمادة (90) من قانون الخدمة المدنية في الحكومة الاتحادية التي حددت حالات انهاء خدمة الموظف حصرا وليس بينها الحالة التي استند اليها القرار المعطون عليه الامر الذي يعب القرار بعيب مخالفة القانون ، مما حدا به الى رفع دعواه بطلباته سالفة البيان ، ودفع الطاعن بتحصين قرار الانهاء لمضي اكثر من سنتين على صدوره وقبل المطعون ضده به المستفاد من واقع استلامه لمعاشه التقاعدي ، ومحكمة اول درجة قضت في30/12/2007 للمطعون ضده بمطلوبه ، استأنف الطاعن قضاء محكمة اول درجة بالاستئناف رقم 24/2008 اداري ابوظبي ، ومحكمة ابوظبي الاتحادية الاستئنافية قضت في 31/8/2008 بالتأييد فطعن عليه الطاعن بطريق النقض بالطعن رقم 281/2008 نقض اداري ، واذ نظرت الدائرة الادارية بالمحكمة الاتحادية العليا فقد قضت في 31/12/2008 بالنقض و الاحالة ، ومحكمة الاحالة قضت في 4/5/2009 بتأييد الحكم المستأنف ، فطعن عليه للمرة الثانية بالطعن رقم 244/2009 اداري وعرض الطعن على الدائرة الادارية في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وبجلسة 14/10/2009 قضت الدائرة باحالة الطعن الى هيئة المحكمة المشكلة وفقا لنص الفقرة الاولى من المادة 65 من قانون المحكمة الاتحادية العليا للفصل فيه عملا بالفقرة الثانية من ذات المادة وذلك للعدول عن المبدأ الذي قررته احكام صادرة عن الدوائر المدنية والادارية بشأن سماع دعوى الغاء القرار الاداري .
وحيث انه عن موضوع طلب الاحالة المتمثل في العدول عن المبدأ الذي قررته احكام صادرة عن الدوائر المدنية و الادارية والذي استقر فيه اجتهادها على اخضاع ميعاد سماع دعوى الغاء القرار الاداري للتقادم الطويل المحدد بخمس عشر سنة عملا بالمادة (473) من قانون المعاملات المدنية الاتحادي واستبدال هذا الميعاد بميعاد قصير اخذا بالقوانين المقارنة الت حددت ميعاد سماع دعوى الغاء القرار الاداري بستين يوما من تاريخ نشر القرار او العلم اليقيني به ـ فان الهيئة تشير الى قضاء سابقتها (الجمعية العمومية للمحكمة قبل تعديل قانون المحكمة) ، استقر على انه اذا ما احالت احدى دوائر المحكمة موضوع العدول عن مبدأمستقر يتصل بالنزاع المطروح في الطعن ، فان الهيئة (الجمعية السابقة) لا تعيدها الى الدائرة التي احالتها لتلتزم في قضائها بالرأي الذي انتهت اليه ، بل عليها ان تتصدى للفصل في الطعن او الدعوى المحالة اليها بعد ان تقول كلمتها في موضوع طلب الاحالة (يراجع طلبات الاحالة ارقام 1/1983 ، 2/1983 ، 3/1983 ، 1/1985 ، 1/1987 جمعية عمومية) .
ومن حيث انه مما يجدر بيانه ان قضاء المحكمة الاتحادية العليا قد اطرد على انه وان كانتقواعد القانون المدني قد وضعت اصلا لتحكم روابط القانون الخاص الا ان القضاء الاداري له ان يطبق من تلك القواعد مع ما يتلاءم مع هذه الروابد ويتفق مع طبيعتها اللهم الا اذا وجد النص التشريعي الخاص لمسألة معينة ، فحينئذ يتوجب التزام النص ، وقد خلى التشريع الاتحادي من اي نص عام يحدد ميعاد معينا لرفع دعاوي المنازعات الادارية ومنها دعاوي الغاء القرار الاداري ـ عدا ما نصت عليه المادة 116 من قانون الموادر البشرية في الحكومة الاتحادية ـ التي يجوز لذوي الشان رفعها متى كان دعوى سماعها لم تسقط بمرور الزمان المسقط طبقا لقواعد قانون المعاملات المدنية الاتحادية بحسبان ان فكرة مرور الزمان (التقادم) المسقط للدعوى لا تتعارض في طبيعتها ومفهومها مع روابط القانون العام .
وحيث ان قانون المعاملات المدنية الاتحادي تكفل في المواد من 473 حتى 488 ببيان انواع واحكام مرور الزمان المسقط للدعوى ، حينما قرر مواعيد محددة لسماع بعض الدعاوي ورتب على عدم مراعاتها جزاء عدم السماع فحدد ميعاد النستين لحقوق التجار و الصناع عن اشياء و ردوها لاشخاص لا يتجرون في هذه الاشياء وحقوق اصحاب الفنادق و المطاعم اجر الاقامة وثمن الطعام ، وحقوق العمال والخدم و الاجراء ......(م 476) ، وميعاد ثلاث سنوات لسماع دعوى الضمان الناشئة عن الفعل الضار و النافع ودعوى عدم نفاذ التصرف (م 298/1 ، 336 ، 400) وخمس سنوات لسماع دعاوي المطالبة بالحقوق الدورية والمتجددة ودعاوي حقوق الاطباء و الصيادلة و المامين و المهندسين و الخبراء و الاساتذة و المعلمين و الوسطاء ، وكذلك دعاوي رد ما يستحق رده من الضرائب و الرسوم اذا رفعت بغير حق (م 484 ، 475) وخمس عشر سنو لسماع باقي الدعاوي التي لم يحدد المشرع لها ميعادا خاصا بها ، ومنها دعوى الغاء القرار الاداري الامر الذي يتعين بشأنها الرجوع الى الميعاد العام الطويل باعتباره هو الاصل ليمعاد سماع الدعوى .
وحيث انه ولئن كانت المادة 75 من قانون انشاء المحكمة الاتحادية العليا رقم 10 لسنة 1973 اعطت للمحكمة صلاحية تطبيق القانون المقارن في حالة عدم وجود قانون ان تشريع اتحادي او محلي يحكم المسألة المعروضة عليها الا ان حد هذه الصلاحية اكمال نقص او سد فراغ في التشريع الوطني دون ان ترقى تلك الصلاحية الى حد استحداث مواعيد و اجال لسقوط الدعاوي او لعدم سماعها او تقرير تقادم مسقط او مكسب او رسم طرق طعن في الاحكام لاتصال كل ذلك بالنظام العام ، ولما كان تحديد ميعاد معين لسماع دعوى الغاء القرار الاداري يؤدي تفويته الى تحصن القرار من رقابة القضاء هو استحداث لاجل اجرائي جديد لم يرد في تشريع وطني وليس هو سد لنقص او اكمال لفراغ في تشريع قائم ومن ثم فان الاستعانة بالقانون المقارن لاستحداث هذا الاجراء غير جائز .
وحيث ان الهيئة العامة وان كانت تؤيد ما اشار اليه حكم الاحالة فيما ساقه في قضائه من مبررات العدول بقوله " .... ولما كان مبدأ اخضاع ميعاد سماع دعوى الالغاء للتقادم الطويل قد ادى في الواقع العملي الى نتائج غير مقبولة اذ مس هذا المبدأ على نحو خطير بما يقتضيه الصالح العام من استقرار الاوضاع الادارية وثبات المراكز القانونية التي انشأها القرار الاداري وعدم المساس بها عملا على بث الثقة و الاطمئنان في نفوس الافراد واستقرار حقوقهم واستمرار نشاط لادارة في انتظام و اضطراد فقد كشف الواقع العملي عن رفع دعاوي بالغاء قرارات ادارية اصدرتها ادارات الدولة بزعم طبيعتها رغم مضي مدد طويلة على صدورها وعلم رافعي تلك الدعاوي اليقيني بالقرارات وقبولهم لها وهو ما ادى الى الاضرار بسير عمل تلك الادارات .." الا انها لا تملك سوى ان ترفض طلب العدول وتقر المبدأ الذي سارت عليه دوائر المحكمة ، وذلك كيلا يأخذ القضاء دور المشرع تحت غطاء الاجتهاد في فهم النصوص القانونية او تفسيرها مما قد يؤدي الى المساس بمبدأ فصل السلطات الذي اعتنقه دستور الدولة لكنها ـ الهئية ـ والحالة هذه تهيب بالجهات المختصة بالدولة بما فيها محلس وزراء الاتحاد الاسراع في سن قانون يقرر ميعاد قصير لسماع دعوى الغاء القرار الاداري يتحصن بفواته القرار كما فعل المشرع الاتحادي في المادة 116من قانون المواد البشرية في الحكومة الاتحادية انف الذكر.
وحيث ان الطعن سبق القضاء باستيفائه لشروطه و اوضاعه الشكلية .
وحيث ان الطعن اقيم على اربعة اسباب ينعى الطاعن باولها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وهو ما مقرر في الفقه والقضاء والقانون المقارن من ان القرار الاداري يتحص ضد دعوى الالغاء بمضي ستين يوما من تاريخ العلم به وذلك حماية لاستقرار الاوضاع الادارية وثبات المراكز القانونية التي انشأها القرار الاداري حال ان الثابت من الاوراق ان المعون ضدها اقام دعواه خارج المدة المألوفة بالالغاء في القرار الاداري (قرار احالته الى التقاعد) واذ انتهى الحكم المطعون فيه ـ مؤيدا الحكم المستأنف الى قبول دعوى الالغاء بالمخالفة لقواعد القانون المقارن ـ فانه يكون معيبا بما يوجب نقضه .
وحيث ان هذا النعي مردود بما ساقته هذه الهيئة في معرص فصلها في طلب الاحالة فتحيل اليه منعا للتكرار و الاطالة .
وحيث ان مبنى الطعن بباقي اسبابه يقوم على تخطئة الحكم المطعون فيه لقضائه بالغاء قرار احالة المطعون ضده الى التقاعد على سند من ان قرار الاحالة جاء مخالفا للمادة 90 من قانون الخدمة المدنية في الحكومة الاتحادية حال ان دستور الدولة اعطى لمجلس الوزراء الاتحاد في المادة 60/8 منه اختصاص عزل الموظفين الاتحاديين وان المجلس في ممارسته لاختصاصه هذا لا يتقيد بالحالات الواردة في المادة 90 من قانون الخدمة المدنية الاتحادية باعتباره الهيئة التنفيذية للاتحاد وان الزام مجلس الوزراء في ممارسته لهذا الاختصاص بالحدود الواردة في المادة 90 انفة البيان يقعد بالمجلس عن اداء وظيفته في مراقبة سير الادارية والمصالح العامة الاتحادية ومسلك وانضباط موظفي الاتحاد ، وان قرار احالة المطعون ضده الى التقاعد اتخذ تحقيقا للمصلحة العامة التي قدرتها الادارة لما لها من صلاحية وان القرار جاء مبررا من العيوب واذ لم يفطن الحكم المطعون فيه الى ما سلف وقضى بالالغاء فانه يكون معيبا بما يوجب نقضه .
وحيث ان هذا النعي في محله ذلك ان مجلس وزراء الاتحاد يمارس وظيفتين اساسيتين احداهما ذات طبيعة سياسية و الارخرى ذات طبيعة ادارية و اذا كانت الوظيفة السياسية تشمل التصرف في الاعمال الاستثنائية ذات الاهمية الوطنية الكبرى كمشاركته في مرسوم اعلان الاحكام العرفية و مرسوم الحرب الدفاعية مع المجلس الاعلى للاتحاد و رئيس الاتحاد ، او توجيه الشئون التي تتعلق بالوحدة السياسية كمشاركته في دعوة المجلس الوطني الاتحادي للانعقاد في ادواره العادية او غير العادية وفضها ، او الاشراف على المصالح الوطنية الكبرى كاقرار المعاهدات و الاتفاقات ..... ـ وغيرها ، فان الوظيفة الادارية تشمل مباشرة التطبيق اليومي للقوانين كوضع اللوائح اللاومة لتنفيذ القوانين الاتحادية او الاشراف على العلاقات بين الافراد وبين الادارات الاتحادية المختلفة كمراقبة مسلك وانضباط موظفي الاتحاد او تقديم الخدمات العامة للجمهور كالاشراف على تنفيذ احكام المحاكم الاتحادية ومراقبة سير الادارات و المصالح العامة الاتحادية وغيرها ، ولما كان الثابت من نصوص دستور الاتحاد ان المشرع الدستوري الاماراتي حرص على تأكيد التزام دولة الاتحاد بمبدأ الشرعية الدستورية والمشروعية القانونية في جميع تصرفاتها واعمالها خصوصا فيما يتعللق بالدعامات الاجتماعية والاقتصادية و السياسية للاتحاد وبالحريات و الحقوق و الواجبات العامة المنصوص عليها في البابين الثاني والثالث من الدستور اللذين افصحا عن تلك الدعامات و الحريات و الحقوق مجملة تاركا الدستور للقوانين بيان تفصيلاتها وحدودها وضوابط اعمالها ـ كان تولي الوظيفة العامة من بين الحقوق الدستورية المقررة لجميع المواطنين على اساس المساواة بعد ان تم تنظيم هذا الحق تعيينا وحقوقا وانتهاء بقوانين الوظيفة العامة والتي من بينها قانون الخدمة المدنية في الحكومة الاتحادية الذي بين حصرا حالات انتهاء خدمة الموظف الاتحادي .
وحيث انه جرى ص البند الثامن من الفقرة الثاية من المادة 60 من دستور دولة الاتحاد على ان "1- ------ 2- ------ 3- ------ 4- ----- 5- ----- 6- ----- 7- ---- 8- تعيين و عزل الموظفين الاتحاديين وفقا لاحكام القانون ممن يتطلب تعيينهم او عزلهم اصدار مراسيم بذلك 9- ----10- ----" ، فان مؤدى هذا النص وجوب تقيد مجلس وزراء الاتحاد باحكام قوانين الخدمة المدنية في الحكومة الاتحادية التزاما بالشرعية الدستوري وبالمشروعية القانونية ، ولما كان قضاء المحكمة الاتحادية العليا قد استقر على ان واجب الادارة ان تتحرى المشروعية وهي تباشر نشاطها الاداري وان القرار الادارية هو افصاح الادارة عن ارادتها الملزمة ـ بما لها من سلطة عامة بمقتضى القوانين و اللوائح ـ بقصد احداث اثر قانوني ، وان هذا القرار يتعين ان يكون مبرءا من العيوب الت تلحق القرار الاداري ومن بينها عيب مخالفة القانون ، ولما كان الثابت من الاوراق ان المطعون ضده كان موظفا بوزارة -------- ويشغل الدرجة الاولى في جدول الموظفين المواطنين الملحق بقانون الخدمة المدنية في الحكومة الاتحادية ومن ثم فان هذا القانون هو الذي يحكم انهاء خدمته ، واذ كانت المادة 90 من القانون الاتحادي رقم 21/2001 في شأن الخدمة المدنية في الحكومة الاتحادية المنطبق على واقعة الدعوى قد حددت اسباب انتهاء خدمة الموظف حصرا وكان قرار انهاء خدمة المطعون ضده واحالته الى التقاعد لم يستند الى اي من الاسباب الحصرية الواردة في المادة المذكورة ، ومن ثم فان القرار يكون معيبا بعيب مخالفة القانون مما يصمه بالبطلان واذ خلص الحكم المطعون فيه الى هذه النتيجة فانه يكون صحيحا ويغدو النعي قائما على غير اساس ولا يجدى الطاعن نفعا ما قاله من اختلاف العزل المنصوص عليه في الدستور عن الفصل التأديبي او العزل بحكم قضائي الواردين في قانون الخدمة المدنية ذلك ان مناط صحة ومشروعية اختصاص مجلس الوزراء بتعيين وعزل موظفي الاتحاد ـ ايا ما كان وجه الرأي في الذي قاله الطاعن ـ رهن بتوافق ممارسة هذا الاختصاص مع القوانين الاتحادية وخصوصا قوانين الخدمة العامة وهو ما يراعيه الطاعن عند ممارسته لاختصاصه بانهاء خدمة المطعون ضده وذلك على النحو سالف بيانه .
وحيث انه ولما تقدم يتعين رفض الطعن .
بناء الإنسان هو الهدف الأسمى الذي نبذل كل جهد من أجل تحقيقه
سيدي صاحب السمو الشيخ
خليفه بن زايد ال نهيان
رئيس دولة الامارات العربية المتحدة
حفظه الله ورعاه