في الجلسة العلنية المنعقدة يوم الاربعاء الموافق 24/6/2009
برئاسة الدكتور عبد الوهاب عبدول رئيس المحكمة
وعضوية السادة القضاة مصطفى بن سلمون و محمد يسري سيف
المبدأ القانوني :-
النظام القضائي الاماراتي يسند الى القضاء المدني نظر الدعاوي و المنازعات الادارية وكان التشريع خلوا من قانون خاص بالاثبات و الاجراءات الادرية مما يعني تطبيق الاجراءات المدنية وقواعد الاثبات المدني والتجاري على تلك المنازعات و الدعاو الا ان حد هذا التطبيق هو تعارضه مع طبيعة الدعاوي و المنازعات المدنية و التجارية ، كما ان القرار الاداري يمكن اثباته بكافة طرق الاثبات القانونية ومنها اقرار جهة الادارة به .
المحــــــكمة
بعد الاطلاع على الاوراق وتلاوة تقرير التلخيص و المداولة ،،،، حيث ان الطعن استوفى اوضاعه الشكلية ،،،،
وحيث ان الوقائع ـ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الاوراق ـ تتحصل في ان الطاعن اقام الدعوى رقم 681/2007 مدني كلي ابوظبي اختصم فيها المطعون ضدها بطلب في ختامها الغاء القرار الصادر بتاريخ 1/3/2000 بانها خدمته و اعتبار و اعتبر هذا القرار كأن لم يكن و اعادته هو الى وظيفته مع احتفاظه بكافة مستحقاته المالية والوظيفية وبتعويضه عن الاصابة التي لحقت به اثناء خدمته لدى المطعون ضدها و الفائدة القانونية ـ على سند ان قرار الانهاء جاء مشوبا بعيب مخالفة القانون لصدوره في غير الحالات المنصوص علها حصرا في القانون ، ومحكمة اول درجة بعد ان ندبت استشاري الطب الشرعي قضت في 25/6/2008 بالزام المطعون ضدها بان تؤدي للطاعن مبلغ اربعمائة الف درهم تعويضا عن اصابته وبرفض ما عدا ذلك من طلبات ، استأنف الطاعن قضاء الحكم المذكور بالاستئناف رقم 189/2008 اداري ابوظبي ، كما استأنفته المطعون ضدها بالاستئناف رقم 196/2008 اداري ابوظبي ومحكمة ابوظبي الاتحادية الاستئنافية بعد ان ضمت الاستئنافين معا قضت في 31/3/2009 بالغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى ، فاقام الطاعن طعنه المطروح واذ نظر الطعن في غرفة المشورة ورأت الدائرة جدارته بالنظر في جلسة فقد تم نظره على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وتم النظق بالحكم بجلسة اليوم .
وحيث ان الطعن اقيم على ثلاثة اسباب ينعى الطاعن بالاول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب من ثلاثة وجوه حاصل اولها انه تمسك امام محكمة الموضوع بدرجتيها بطلب الزام المطعون ضدها تقديم نسخة عن قرار انهاء خدمته سندا للمادة (18) من قانن الاثبات المدني و التجاري الاتحادي الذي يجيز للخصم من خصمه تقديم مثل هذا الطلب و انه رغم امتناع المطعون ضدها عن تقديم نسخة القرار فان المحكمة اغفلت اعمال حكم المادة (19) من ذات القانون التي تجيز لها ان تأخذ باقوال الطاعن فيما يتعلق بشكل المحرر وموضوعه مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه .
وحيث ان هذا النعي في غير مله ذلك انه ولئن كان النظام القضائي الاماراتي يسند الى القضاء المدني نظر الدعاوي و المنازعات الادارية وكان التشريع خلوا من قانون خاص بالاثبات و الاجراءات الادرية مما يعني تطبيق الاجراءات المدنية وقواعد الاثبات المدني والتجاري على تلك المنازعات و الدعاو الا ان حد هذا التطبيق هو تعارضه مع طبيعة الدعاوي و المنازعات المدنية و التجارية ، كما ان القرار الاداري يمكن اثباته بكافة طرق الاثبات القانونية ومنها اقرار جهة الادارة به ، ولما كان الثابت من اوراق الطعن ان المطعون ضدها لا تماري في انها اصدرت قرار انها خدمة الطاعن وان القرار تحت يدها ، و انه لا يمكنها ايداع نسخة منه ملف الدعوى لاعتبارات تتعلق بأمن القوات المسلحة ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه انه خلص الى ثبوت صدور القرار من المطعون ضدها ومن ثم النعي الذي ساقه الطاعن بهذا الوجه يكون في غير محله .
وحيث ان وجيز الوجه الثاني من هذا السبب يقوم على تخطئة الحكم المطعون فيه لعدم بحثه العيوب التي شابت القرار المطعون عليه من حيث محله وسببه وغايته وشكله و المختص باصداره رغم ان الدعوى اقيمت على اساسا بطلب الغائه وهو ما يعيب الحكم بما يوجب نقضه .
وحيث ان هذا النعي غير مقبول ذلك انه يجب ان يكون سبب الطعن بالنقض و اضحا و محددا يكشف المقصود منه كشفا نافيا عنه الغموض و الجهالة مبينا العيب الذي يعزوه الطاعن الى الحكم وموضعه منه واثره في قضائه ، ولما كان الثابت من هذا الوجه ان الطاعن نعى على الحكم المطعون فيه اغفاله بحث العيوب التي شابت قرار انهاء خدمته دون ان يفصح عن ماهية تلك العيوب حتى تتمكن المحكمة الاتحادية العليا من بسط رقابتها القاننية على مدى مشروعية القرار ولا يجزي في هذا المقام ان يشير الطاعن في صحيفة طعنه الى مقتطفات من اجتهادات المحاكم تعرف عيوب القرار الاداري واذ جاء النعي على هذا النحو من الجهالة فانه يكون غير مقبول .
وحيث ان مبنى الطعن بسببه الثاني يقوم على تخطئته الحكم المطعون فيه لاهداره تقرير الطبيب الشرعي الذي اكد على ان ضعف السمع الذي يعانيه الطاعن سببه طبيعة عمله لدى المطعون ضدها وان هذا التقرير اطمئن اليه الحكم المستأنف وتبناه ممالا يجوز للحكم المطعون فيه مخالفته والا كان معيبا بشائبة مخالفة القانون و الخطأ في تطبيقه الموجب للنقض .
وحيث ان هذا النعي في غير محله ذلك ان المقرر في قضاء هذه المحكمة ان محكمة الاستئناف هي محكمة موضوع وقانون وبصفتها المزدوجة هذه لها ان تبني حكمها على فهم جديد لواقع الدعوى و ادلتها ان تستظهر من سائر اوراقها وذلك في النظاق المرفوع عنه الاستئناف دون ان تتقيد بما خلص اليه الحكم المستأنف ، كما ان من المقرر كذلك في قضاء هذه المحكمة ان فهم الواقع في الدعوى وتقدير ادلتها بما فيها تقارير الخبراء من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها من المحكمة الاتحادية العليا طالما كان فهمها وتقديرها سائغا ومقبولا و لا يخالف القانون ، لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه ان محكمة الدرجة الثانية بما لها من سلطة في فهم الواقع في الدعوى وتقدير ادلتها تناولت بالبحث و التمحيص تقرير الطبيب الشرعي الذي اقام الحكم المستأنف قضاءه عليه وخلصت الى انتفاء ولاية علاقة او صلة بين اطلاق النار المكثف الذي تعرض له الطاعن اثناء تدريباته او في مهامه الثتالية اثناء خدمته لدى المطعون ضدها وبين ما يعانيه من ضعف السمع ، وكان هذا الذي خلصت اليه المحكمة في قضائها سائغا ومقبولا وله ما يؤيده في اوراق الدعوى ومما يدخل في نطاق السلطة التقديرية للمحكمة مما لا يجوز التحدي به امام المحكمة الاتحادية العليا .
وحيث ان الطاعن ينعى بالسبب الثالث من اسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالاوراق وبالفساد في الاستدلال ذلك انه اخذ بالنشرة السريعة الخاصة بالطاعن طلب اي من الخصمين واقام قضاءه عليها حال انها من اصطناع المطعون ضدها في حين ان تجاهل البينات التي قدمها الطاعن وتمسك بها للتدليل على تميزه وكفاءته الوظيفية المتمثلة في الدورات التي شارك فيها و المناصب التي شغلها و هي محررات رسمية لها حجيتها في الاثبات عملا بالمادة (8) من قانون الاثبات المدني و التجاري ودحضا و انكارا لما ورد في النشرة السرية وهو ما لم يفطنه الحكم المطعون فيه مما يعيبه بما يوجب نقضه .
وحيث ان هذا النعي في غير محله ذلك ان من رواسخ قضاء هذه المحكمة ان لمحكمة الموضوع سلطة تقدير ادة الدعوى ـ بما فيها المحررات ـ و الترجيح بينها و الاخذ بما تطمئن اليها منها بغير معقب عليها في ذلك من المحكمة الاتحادية العليا طالما كان تقديرها سائغا ومقبولا وله اصله الثابت بالاوراق ولا يخالف القانون ، لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه انه اقتنع بحصة قرار انهاء خدمة الطاعن وعضد اقتناعه بالاشارة الى النشرة السرية للطاعن المرفقة باوراق الدعوى جنبا الى جنب مع المحررات التي قدمها الطاعن للتدليل على كفاءته وخبرته وكان هذا الذي اطمئن اليه الحكم المطعون فيه واستند اليه سائغا ومقبولا ولا يخالف القانون ومما يدخل فيما لمحكمة الموضوع من سلطة التقدير فيه ، ومن ثم فان النعي ينحل الى جدل موضوعي لا يجوز اثارته او التحدي به امام المحكمة الاتحادية العليا .
وحيث ان مبنى النعي بالوجه الثالث من السبب الاول من اسباب الطعن يقوم على تخطئة الحكم المطعون فيه لعدم قضائه بالفائدة على المبلغ المحكوم له به .
وحيث ان هذا النعي غير مقبول لوروده على غير محل بعد ان قضي برفض الدعوى.
وحيث انه كذلك لما تقدم يتعين رفض الطعن .
لذلك
حكمت المحكمة برفض الطعن و الزمت الطاعن المصروفات و الفي درهم مقابل اتعاب المحاماة للمطعون ضدها وامرت بمصادرة التأمين .
مجلة الشريعة والقانون الصادرة من جامعة الامارات العربية المتحدة
العدد 42 ـ ربيع الاخر 1431 ـ ابريل 2010
بناء الإنسان هو الهدف الأسمى الذي نبذل كل جهد من أجل تحقيقه