عرض مشاركة واحدة
قديم 07-29-2010, 11:15 PM
  #6
المستشار القانونى ابراهيم
عضو مشارك
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
الدولة: القاهرة
المشاركات: 114
افتراضي

دور القضاء المصري في حماية حقوق الإنسان 6

القسم الثاني :
حماية محكمتي القضاء الإداري و الإدارية العليا
لحقوق الإنسان :

ليس من شك في أن مجلس الدولة المصري كان و ما زال و سيظل بإذن الله دوما كافل الحريات الفردية 0
و ركنها الركين , و و حامي الحقوق العامة موئلها الحصين , و مفزع المظلومين و قبلة المستعفين فقد أرسى الأس في مجال حماية حقوق الإنسان و أقر الدعائم و وطد الركائز و دافع عن حق الشعب النبيل في التمتع بكامل حرياته العامة و حقوق أفراده و راقب الإدارة لتكوين معتصمة دوما بالقانون بعيدا عن الهوى , و ناضل من أجل حق الوطن في أن تقوم نظم ثابتة مستقرة ترتكز على ركنين من القانون و العدالة فكان مجلس الدولة هو الغوث الذي يفزع إليه الأفراد و الجماعات متى ظن أحدهم أنه مسلوب الحق , وهم إذ يلجأون إليه سواء حكومة أو أفرادا إذ لا قوى لديه و لا ضعيف و إن هيمن القوى أخذ منه الضعيف متى استحقه لم يرهب أحد لقوته و لم يستخف بحق أحد لهوانه و ضعف حيلته , فقد عظم في أحكامه الحرمات و نهض بالتبعات و أماط الشبهات و لم يحفل أمام التضحيات و قام رجاله في جل العصور بجليل مهامهم بعد أن قاموا في محرابهم بما لزم ضمائرهم من الانقطاع لفرائض العدل و الصبر على مناكسه 0
و فيما يلي نعرض لما يحتمله مقام هذه الدراسة الموجزة من قضاء المحكمة الإدارية العليا و محكمة القضاء الإداري حمل فيه على عاتقه لواء حماية حقوق الإنسان 0


أولا : حماية الحريات الشخصية :
1- حماية حريتي التنقل و السفر :
2-
حرص القضاء الإداري المصري في باكورة قضائه على التأكيد على حماية الحرية الشخصية فقر :
إن الحرية الشخصية حق مقرر لا يجوز الحد منه أو انتقاصه إلا لمصلحة عامة في حدود القوانين و اللوائح و دونما تعسف أو انحراف في استعمال السلطة 0
( حكم محكمة القضاء الإداري – الدعوى رقم 1474 / 5 ق – جلسة 12/1/1953)
كما أكد في مجال حماية حرية التنقل على أن :
كما أكد في مجال حماية حرية التنقل على أن
إن حق التنقل و هو فرع من الحرية الشخصية للفرد لا يجوز مصادرته دون علة , و لا مناهضته دون مسوغ أو تقييده بلا مقتض 0
( حكم محكمة القضاء الإداري المشار إليه )
و قد فاض قضاء محكمتي القضاء الإداري و الإدارية العليا بعظيم الأحكام التي صانت للمواطن حقه في التنقل و السفر و إذ كان لنا في هذه الدراسة الموجزة إن نعرض لمثال لتوجيهات قضاء مجلس الدولة حديثا نحو حماية هذا الحق , فإننا نعرض لهذا الحكم محكمة القضاء الإداري ( دائرة منازعات الأفراد ) الصادر في الدعوى رقم 10431 لسنة 53 ق بجلستها المنعقدة قفي 23 من نوفمبر سنة 1999
حماية حرية القضاء الإداري لحريتي التنقل و السفر 0
تخلص وقائع تلك الدعوى في سيدة أقامتها طعنا على قرار وزير الداخلية بإدراج اسمها على قوائم الممنوعين من السفر و قالت إن هذا المنع جاء بناء على طلب من زوجها إضرارا بحقوقها و مساسا بمستقبلها و حريتها 0
و قد جاء حكم محكمة القضاء الإداري نموذجا رائعا لحماية أحد أعز حقوق الإنسان فلم يقتصر الحكم على التأكيد على حقي التنقل و السفر و ما يتصل بهما من مبادئ قانونية هامة و إنما استظهر مكا شاب القانون رقم 97 لسنة 1959 في شأن جوازات السفر في مخالفات دستورية تمثلت في تخلي المشرع بغير مسوغ من الدستور عن اختصاصه و سلطاته بوضع تنظيم لحق التنقل و السفر يتم ممارسته في إطار من المشروعية و بما لا ينطوي على مصادرة لأصله و عصف بمضمونه و ذلك فيما أسنده المشرع لوزير الداخلية في المادتين ( 8 , 11 ) من القانون المشار إليه من تخويله سلطة تحديد شروط منح جواز السفر أو تجديده و سلطة تقدير سحب الجواز بعد إعطائه و ما يترتب على ذلك منن تنظيم وزير الداخلية بقرار منه لأمر منح أو تجدي جواز سفر الزوجة و ما يتفرع عنه من السماح لها بالسفر إلى الخارج من عدمه و منحها جواز السفر أو حجبه عنها و سلطة سحب الجواز منها بطلب من الزوج , و قد رأى قضاء محكمة القضاء الإداري الحامي لحريتي التنقل و السفر تصادم هذه النصوص مع أحكام المواد ( 41, 50, 51, 52) من الدستور , و لذلك كان حكمه بوقف الدعوى إحالة أوراقها بدون رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية المادتين ( 8, 11) من القانون رقم 97 لسنة 1959 المشار إليه و النصوص الأخرى المرتبطة بهما و ذلك على نحو الموضح تفصيلا بالأسباب 0
و لم يتف هذا القضاء النبيل بالوقوف عند هذا القدر من الحماية الواجبة في نطاق شبهة عدم الدستورية التي اكتنفت تلك النصوص سالفة البيان بل كان أمعن في الإصرار على تحقيق كامل ما يمتلكه من وسائل الحماية لهذا الحق الغالي فلم يقتصر الحكم على وقف الدعوى و الإحالة إلى المحكمة الدستورية و إنما تصدت المحكمة بطلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه و أوقفت تنفيذه على سند من انتفاء التعارض بين القضاء بوقف التنفيذ و وقف الدعوى و الإحالة إلى المحكمة

الدستورية العليا لمل لكل منهما من مجال يحكمه و لما أكدته من ألا يكون للمادة ( 3) من قرار وزير الداخلة الذي ركنت إليه جهة الإدارة في منع المدعية من السفر أيا ما يكون من صحة حكمها بذاتها موضوعا إلا بافتراض دستورية المادتين ( 8 , 11 ) من القانون المشار إليه , و قد أحاطت بهما ظلال كثيفة من عدم الدستورية لذا لزم الحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه 0

و من أهم المبادئ التي قررها هذا الحكم في مجال
حماية حق التنقل و السفر المبادئ التالية :

1- أن الدستور المصري الصادر سنة 1971 , خلافا للدساتير السابقة يكون قد ارتقى بالحرية في التنقل و السفر في مدارجه المشروعة , و رفعها إلى مصاف الحريات و الحقوق الدستورية , مع ما يتيحه ذلك من حقيقية الضرب في واسع أرض الله و السعي في عريض مناكبها سواء في ذلك أن يكون الحق في السفر إلى الخارج مما تخاطبه , بيانا و تنظيما أحكام المادة 41 من الدستور على ما ذهبت إليه أحكام محكمة النقض المصرية أو كان السفر إلى الخارج مما ينصرف إليه خطاب المادة 52 منه على نحو ما ذهبت إليه المحكمة الإدارية العليا بحسبان أن المادة 41 إنما تتعلق بحرية الإقامة و التنقل في الداخل فتكون محل إقليمية الدستور المصري , فإنه , و أيا ما يكون الأمر بشأن السند الدستوري لحرية السفر إلى الخارج فإنه في جمع الأحوال يتبعن أن يكون المنع من لسفر بأمر قضائي تستدعيه ضرورة التحقيق و أمن المجتمع وفقا للقانون على نحو ما جرى به نص المادة 41 من الدستور , أن يكون تنظيم هذا الأمر بقانون على وجه ما يوضح نص المادة 52 منه فأيا ما يكون الأمر لا يجوز دستوريا أن يعهد القانون الذي يصدر في هذا الشأن بتنظيم الحق لغيره من السلطات أو الجهات لما ينطوي عليه ذلك من إخلال بالالتزام الدستوري بأن يكون هذا التنظيم بقانون و ليس بأداة أدنى 0
2- إذا كان المشرع الدستوري قد أكد على حرية التنقل , بل قرر حق المواطنين في الهجرة الدائمة أو الموقوتة و عهد إلى قانون تصدر طبقا له الأوامر القضائية بالمنع من التنقل أو السفر على نحو ما ورد بالمادة 41 أو بقانون ينظم الحق في الهجرة و مغادرة البلاد على ما جاء بالمادة 52 فإنه مما يشتبه في تصادمه مع هذه النصوص و يمثل خروجا على مقتضاه ما ورد بالمادتين ( 8 , 11 ) من قانون جوازات السفر التي تعطي للإدارة تفويضا تشريعيا و اختصاصا تقديريا لا أساس له من الدستور و بينما لا يتأتى لغير المشرع أن ينظم الحرية أو لحق الدستوري و في هذا الشأن يكون حتما مقضيا على المشرع ألا يتخذ من هذا التنظيم سبيلا للعصف بالحق أو الانتقاص منه أو التغول عليه 0
و على ذلك يكون الإطلاق الذي تضمنته المادتان ( 8 , 11 ) من القانون رقم 97 لسنة 1959 المشار إليه و إن كان يخضع حقا لرقابة المشروعية التي يجريها القاضي الإداري إلا من شأنه الانتقاص من الحق الدستوري , فلا يعرف المواطن مسبقا و على وجه اليقين موقفه إزاء ما تقرره الدستور من حق في هذا الشأن بل يبقى رهين مشيئة الإدارية , إن شاءت منحته جواز السفر و هو الصك الذي بمقتضاه يكون ممارسة الحق و بدونه يزول الحق و يصبح هباء منثورا , و لو شاءت حجيته عنه أو نزعته منه , و في أي وقت تراه فكل ذلك من شأنه أن يصم المادة ( 11 ) من القانون رقم 97 لسنة 1959 في شأن جوازات السفر و ما ورد بالمادة ( 8) من ذات القانون من تفويض وزير الداخلية في وضع شروط منح السفر بشبهة مخالفة الدستور 0
3- لا تعارض بين القضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه و وقف الدعوى و إحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستورية النصوص القانونية التي يستند إليها القرار المطعون فيه , إذ لكل من القضائيين على ما ذهبت إليه المحكمة الإدارية العليا مجاله
الذي لا يختلط فيه بالأخر 0

حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية
المادتين ( 8 , 11 ) من قانون جوازات السفر و سقوط
النص المانع للزوجة من السفر
إلا بموافقة الزوج :

تتويجا لجهود قضاء مجلس الدولة الساعية إلى حماية الحقوق و الحريات الأساسية و منها حق السفر و التنقل بناء على ما انتهى إليه قضاء محكمة القضاء الإداري بجلسة 23 من نوفمبر سنة 1999 في الدعوى رقم 10431 لسنة 53 قضائية من وقف لدعوى و إحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية المادتين 8 , 11 من القانون رقك 97 لسنة 1959 الخاص بجوازات السفر و النصوص الأخرى المرتبطة بهما فقد انتهت المحكمة الدستورية العليا في حكمها الصادر في القضية رقم 243 لسنة 21 قضائية دستورية بجلسة 4 من نوفمبر سنة 2000 إلى الحكم :
بعدم دستورية نص المادتين 8 , 11 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 97 لسنة 1959 الخاص بجوازات السفر , و بسقوط نص المادة 3 من قرار وزير الداخلية رقم 3937 لسنة 1996 و قد قام الحكم على أسو أسباب أهمها ما يأتي :
1- إن حق المواطن في استخراج و حمل جواز سفر لا يعد فحسب عنوانا لمصريته التي يتشرف بها داخل وطنه و خارجه بل يعكس فوق ذلك رافد منت روافد حريته الشخصية التي حفى بها الدستور بنصه في المادة 41 منه 0
2- إن الدستور لم يعقد للسلطة التنفيذية اختصاصا ما بتنظيم شيء مما يقيد الحقوق التي كفلها الدستور من الهجرة و حرية التنقل و أن نص المادتين 8 , 11 المطعون عليهما يترتب عليهما تنصل مشرع من وضع الأسس العامة التي تنظم موضوع جوازات السفر بأكمله على الرغم من كونها الوسيلة الوحيدة لتمكين المواطن من مغادرة بلده و رجوع إليه و أن مسلك المشرع بذلك يكون مخالفا للدستور 0
3- إن حرية الانتقال من الحريات العامة فلا يجوز تقييدها دون مقتضى مشروع و قد عهد الدستور بنص المادة 41 منه إلى السلطة التشريعية دون غيرها بتقدير هذا المقتضى و لازم ذلك أن يكون تعيين شروط إصدار وثيقة السفر بيد هذه السلطة و الأصل فيها هو المنح استصحابا لأصل الحرية في الانتقال و الاستثناء هو المنع , فإن المنع من التنقل لا يملكه إلا قاض أو عضو نيابة عامة ,و يعهد إليه القانون بذلك دون تدخل من السلطة التنفيذية 0
و هذا القضاء الحامي لحقوق الإنسان إنما يأتي تأكيدا لحماية الحريات الأساسية المنصوص عليها بالدستور من ناحية و تلك التي قررتها المادة 13 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي نصت على أن :
1- لكل فرد الحق في حرية التنقل و في اختيار محلل إقامته داخل حدود الدولة 0
2- لكل فرد الحق في مغادرة أي بلد بما في ذلك بله 0

3- حماية حرية الملبس :
تندرج حرية الملبس في نطاق الحريات الشخصية التي كفلها الدستور المصري , و قد كان لقضاء مجلس الدولة دورا رائدا في حماية هذه الحرية 0

حماية محكمة القضاء الإداري لحرية الملبس :
و تخلص وقائع الدعوى في أن إحدى الجامعات المصرية قد أوردت ضمن التنظيمات المتصلة بالاستعداد لبدء الدراسة بندا يتضمن حظرا دخول الطالبات إلى حرم الجامعة و كلياتها بالنقاب فطعنت إحدى الطالبات على ذلك القرار , فكان حكم محكمة القضاء الإداري
بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه 0
ة قد أقامت المحكمة قضائها على أساس هذا المبدأ التالي :

إن الحرية الشخصية مكفولة في الدستور و القانون و من فروعها الأصلية حق اشخص في ارتداء ما يشاء من ملابس دون تقييد إلا في حدود القوانين و اللوائح تحقيقا للمصلحة العامة , و قد حظر القرار المطعون فيه زيا محددا بالذات هو النقاب الذي يعد الزى الشرعي الواجب على المرأة المسلمة ارتداؤه في رأي بعض الفقهاء من المسلمين , كما لا يتضمن إخلالا بالنظام العام أو انتهاكا لحرمة الآداب العامة إنه يمكن للكلية التحقق من خصية المنقبة بتكليفها عن الشك بالكشف عن وجهها 0
المستشار القانوني / إبراهيم خليل
بالنقض والدستورية والإدارية العليا
عضو اتحاد المحامين العرب
عضو الجمعية المصرية للقانون الدولي
عضو جمعية الضرائب المصرية
عضو جمعية إدارة الأعمال العربية
موبيل : 01005225061

المستشار القانونى ابراهيم غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس