محمد ابراهيم البادي
01-16-2012, 06:28 AM
هموم حاكم
المصدر: يوسف الشريف (http://theuaelaw.com/1.1564231) التاريخ: 16 يناير 2012
http://cdn1.albayan.ae/polopoly_fs/1.1564233.1325260792!/image/4142077372.jpg (http://theuaelaw.com/1.1564231)
الخطاب الذي وجهه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم إمارة الشارقة، إلى أبنائه وإخوانه في دولة الإمارات، ينم عن هموم يحملها هذا الرجل في مكنون صدره وخبايا فكره، فما وجد نفسه إلا مستغلاً فرصة اللقاء المباشر مع أحبابه حتى يسدي لهم النصح والتوجيه، وهذا ديدن الخيرين والطيبين ممن يحملون رسالة صدق ومودة وإخاء للعالم كافة.
ولمثل هؤلاء أسوة حسنة في رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي يحمل همّ أمته إلى أن يقف بين يدي ربه ويقول طالباً ومتوسلاً الشفاعة لهم "يارب أمتي أمتي" إلى أن يغفر الله لهم، وهذا همّ المصطفى في الآخرة. أما في الدنيا فقد كان عليه الصلاة والسلام أن يبذل جل جهده للدعوة إلى الله والنصح في سبيله بغير ابتغاء حاجة مرتجاة من خلفهم، فهو يريد لهم النجاة من النار ويريد لهم دوام الاستقرار في الدنيا ليأخذ بأيديهم إلى سبيل الفلاح للآخرة.
ألا وإن الشيخ سلطان قد حمل همّ أمته أو استطهر الناس قلقه على حال الأسر والأطفال في مجتمعاتنا، فأراد أن يوجه بفطرته السليمة وحنكته العلمية وسياسته الرصينة، أبناء شعبه وغيرهم نحو احترام حقوق الطفل كافة، بعدم تأنيبهم أو توبيخهم أو انتقاص قدرهم بتوجيههم إلى أمر حق مسلكه باطل.
وقد عمد الشيخ سلطان للإشارة لهذه النقطة بشكل واضح ذكرني بما قاله الشاعر:
تعمدني النصيحة بانفراد ** وجنبني النصيحة في الجماعة
فإن النصح بين الناس نوع ** من التوبيخ لا أرضى استماعه
فكان على الأسر أن تتوخى الحذر عند التعامل مع أطفالها، ليس بغرض فرط الدلال، ولكن لهدف بناء شخصية سوية متطلعة للمستقبل بهمم الرجال، ومن ثم فيحسن الآباء تربية الأبناء وتنشئتهم التنشئة المثلى، بهدف خلق جيل على قدر المسؤولية يكمل البناء ويرتقي به.
أما الهمّ الثاني الذي حملته رسالة صاحب السمو حاكم الشارقة، فهو قلقه على الأسرة من إشكالات الطلاق وما يتبعها من تفرق واختلاف وشقاق، بعد أن ازدادت هذه الحالات وباتت تنذر بقلق يهدم في كيان المجتمع، ذلك أن رباط الزوجية من أقدس الروابط التي تنشأ بين الناس، فيه تتآلف العوائل قبل الزوجين نفسهما، لأن رباط النسب والمصاهرة يعني الانصهار بين هاتين العائلتين، بارتباط الدم بالدم وامتزاجه ليكون نشئا جديداً هو نتاج عائلتين وثمرة لهذه العلاقة.
فإذا ما اختلت الأمور ونشب الخلاف والشقاق ووقع الفراق، فإذا بهذه المصاهرة لا يمكن بأي حال إعادتها إلى ما كانت عليه، خاصة إذا كانت قد أثمرت بثمرة الأولاد. لأن الدم بالدم قد أنتج وأنبت، فيكون ضحية هذه الزيجة أطفال أبرياء لا ذنب لهم سوى أن والديهم تهورا عنداً واستكباراً، وافترقا ليتركا أولادهما عرضة لرياح الزمان تلعب بهم كيفما شاءت ـ إلا من رحم ربي ـ وهذا حق، والحق يقال، أن إشكالات الطلاق والفراق باتت تشكل هماً مجتمعياً في الآونة الأخيرة، وللأسف الشديد فقد ضعفت إرادتنا ولم تُصدقْ كموجهين.
وكما يلي كلمة مقروءة أو مسموعة في التوجيه السليم، لأن الحق عز وجل يقول في محكم تنزيله (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إصلاحا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنهُمَا إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً خَبِيراً) سورة النساء آية 35 . وإننا إذ نشهد اليوم أن المحاكم قد عمدت في كثير من الدعاوى إلى ندب حكَمين للإصلاح، إلا أنهما ـ أي الحكّمين ـ نادراً ما يصلا لصيغة صلح بين الزوجين، وغالباً ما يتفقا على التفريق ـ إن لم يكن دائماً ـ وذلك لأن إرادة الإصلاح قد غابت عن ضمائرنا في الإصلاح، مما أدى للاستسهال والقضاء بالتفريق.
ولذلك كان هذا التوجيه السامي من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان، الأب والمربي والأخ الصادق الذي يحمل الخير والمودة والإرادة الصادقة نحو مجتمعه والمجتمعات كافة، ليحذر من فرط التداعي بالطلاق وافتراق الأسر، والرغبة في أن يضحي الزوجان بهدف الإبقاء على جيل صالح غير مشتت أو متفرق، ليسير مركب الحياة نحو هدفه الأسمى، وترتقي الأمة بهم. ولا أدل على هذا الاستخلاص والاستنتاج من تعبيره المباشر عن قلقه من أن يصاب بأذى يحول دون أن يكمل رحلة ومسيرة البناء المجتمعي.
دمت وسلمت يا صاحب السمو نبراساً منيراً يقتدى به، وحفظك الله من كل مكروه وقد عدت والعود أحمد.
http://www.albayan.ae/opinions/articles/2012-01-16-1.1573678 (http://www.albayan.ae/opinions/articles/2012-01-16-1.1573678)
المصدر: يوسف الشريف (http://theuaelaw.com/1.1564231) التاريخ: 16 يناير 2012
http://cdn1.albayan.ae/polopoly_fs/1.1564233.1325260792!/image/4142077372.jpg (http://theuaelaw.com/1.1564231)
الخطاب الذي وجهه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم إمارة الشارقة، إلى أبنائه وإخوانه في دولة الإمارات، ينم عن هموم يحملها هذا الرجل في مكنون صدره وخبايا فكره، فما وجد نفسه إلا مستغلاً فرصة اللقاء المباشر مع أحبابه حتى يسدي لهم النصح والتوجيه، وهذا ديدن الخيرين والطيبين ممن يحملون رسالة صدق ومودة وإخاء للعالم كافة.
ولمثل هؤلاء أسوة حسنة في رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي يحمل همّ أمته إلى أن يقف بين يدي ربه ويقول طالباً ومتوسلاً الشفاعة لهم "يارب أمتي أمتي" إلى أن يغفر الله لهم، وهذا همّ المصطفى في الآخرة. أما في الدنيا فقد كان عليه الصلاة والسلام أن يبذل جل جهده للدعوة إلى الله والنصح في سبيله بغير ابتغاء حاجة مرتجاة من خلفهم، فهو يريد لهم النجاة من النار ويريد لهم دوام الاستقرار في الدنيا ليأخذ بأيديهم إلى سبيل الفلاح للآخرة.
ألا وإن الشيخ سلطان قد حمل همّ أمته أو استطهر الناس قلقه على حال الأسر والأطفال في مجتمعاتنا، فأراد أن يوجه بفطرته السليمة وحنكته العلمية وسياسته الرصينة، أبناء شعبه وغيرهم نحو احترام حقوق الطفل كافة، بعدم تأنيبهم أو توبيخهم أو انتقاص قدرهم بتوجيههم إلى أمر حق مسلكه باطل.
وقد عمد الشيخ سلطان للإشارة لهذه النقطة بشكل واضح ذكرني بما قاله الشاعر:
تعمدني النصيحة بانفراد ** وجنبني النصيحة في الجماعة
فإن النصح بين الناس نوع ** من التوبيخ لا أرضى استماعه
فكان على الأسر أن تتوخى الحذر عند التعامل مع أطفالها، ليس بغرض فرط الدلال، ولكن لهدف بناء شخصية سوية متطلعة للمستقبل بهمم الرجال، ومن ثم فيحسن الآباء تربية الأبناء وتنشئتهم التنشئة المثلى، بهدف خلق جيل على قدر المسؤولية يكمل البناء ويرتقي به.
أما الهمّ الثاني الذي حملته رسالة صاحب السمو حاكم الشارقة، فهو قلقه على الأسرة من إشكالات الطلاق وما يتبعها من تفرق واختلاف وشقاق، بعد أن ازدادت هذه الحالات وباتت تنذر بقلق يهدم في كيان المجتمع، ذلك أن رباط الزوجية من أقدس الروابط التي تنشأ بين الناس، فيه تتآلف العوائل قبل الزوجين نفسهما، لأن رباط النسب والمصاهرة يعني الانصهار بين هاتين العائلتين، بارتباط الدم بالدم وامتزاجه ليكون نشئا جديداً هو نتاج عائلتين وثمرة لهذه العلاقة.
فإذا ما اختلت الأمور ونشب الخلاف والشقاق ووقع الفراق، فإذا بهذه المصاهرة لا يمكن بأي حال إعادتها إلى ما كانت عليه، خاصة إذا كانت قد أثمرت بثمرة الأولاد. لأن الدم بالدم قد أنتج وأنبت، فيكون ضحية هذه الزيجة أطفال أبرياء لا ذنب لهم سوى أن والديهم تهورا عنداً واستكباراً، وافترقا ليتركا أولادهما عرضة لرياح الزمان تلعب بهم كيفما شاءت ـ إلا من رحم ربي ـ وهذا حق، والحق يقال، أن إشكالات الطلاق والفراق باتت تشكل هماً مجتمعياً في الآونة الأخيرة، وللأسف الشديد فقد ضعفت إرادتنا ولم تُصدقْ كموجهين.
وكما يلي كلمة مقروءة أو مسموعة في التوجيه السليم، لأن الحق عز وجل يقول في محكم تنزيله (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إصلاحا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنهُمَا إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً خَبِيراً) سورة النساء آية 35 . وإننا إذ نشهد اليوم أن المحاكم قد عمدت في كثير من الدعاوى إلى ندب حكَمين للإصلاح، إلا أنهما ـ أي الحكّمين ـ نادراً ما يصلا لصيغة صلح بين الزوجين، وغالباً ما يتفقا على التفريق ـ إن لم يكن دائماً ـ وذلك لأن إرادة الإصلاح قد غابت عن ضمائرنا في الإصلاح، مما أدى للاستسهال والقضاء بالتفريق.
ولذلك كان هذا التوجيه السامي من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان، الأب والمربي والأخ الصادق الذي يحمل الخير والمودة والإرادة الصادقة نحو مجتمعه والمجتمعات كافة، ليحذر من فرط التداعي بالطلاق وافتراق الأسر، والرغبة في أن يضحي الزوجان بهدف الإبقاء على جيل صالح غير مشتت أو متفرق، ليسير مركب الحياة نحو هدفه الأسمى، وترتقي الأمة بهم. ولا أدل على هذا الاستخلاص والاستنتاج من تعبيره المباشر عن قلقه من أن يصاب بأذى يحول دون أن يكمل رحلة ومسيرة البناء المجتمعي.
دمت وسلمت يا صاحب السمو نبراساً منيراً يقتدى به، وحفظك الله من كل مكروه وقد عدت والعود أحمد.
http://www.albayan.ae/opinions/articles/2012-01-16-1.1573678 (http://www.albayan.ae/opinions/articles/2012-01-16-1.1573678)